برامجنا

غياب القانون يدفع المجتمع ورجال الأمن لمنع زواج القاصرات الذي يعصف بصغيرات اليمن

راديو يمن تايمز

نور فتاة لم تتجاوز السادسة عشر من العمر ولا تملك وثيقة هوية شخصية بموجب القانون الذي لايسمح بمنح الهوية لعمر اقل من 18 عاما، قام والدها بعقد قرانها بدون موافقتها او موافقة والدتها خلال ديسمبر المنصرم.

لاترغب نور بالزواج فهي من المتفوقات في المدرسة وجل اهتمامها وتفكيرها في دراستها التي تريد ان تستمر فيها، الا انها بعد ممارسة الضغط عليها من قبل والدها أكرهت على ترك دراستها بمبرر ان “خطيبها لا يريد ذلك” وفقا لوالدة نور.

وأضافت والدتها” ارفض هذا الزواج جملة وتفصيلا, هذا الزواج انما هو من باب نكاية الأب بي (يزوجها ابوها عنادا من أمها) فقد استخدم الطفلة كوسيلة ضغط ضدي، ولكني سوف اناضل واكافح من اجل منع زواج نور”.

هناك الكثير من القصص الواقعية عن مآسي ظاهرة زواج الصغيرات في اليمن، وهي ظاهرة طفت الى السطح وصارت اكثر حضورا بسبب الوضع الراهن في اليمن وغياب الاعلام عن متابعة هذه الظاهرة.

راديو يمن تايمز في برنامج بيني وبينك الأسبوعي الخاص بحقوق المرأة وقضاياها يناقش قضية نور وظاهرة زواج الصغيرات بشكل عام في حلقة الخميس

ناقش برنامج بيني وبينك موضوع تحديد سن الزواج والاضرار التي تلحق بالفتاة في حال تزوجت في سن مبكرة مع ضيف البرنامج المحامي والمستشار القانوني خالد الأكوع، الذي قال في الحلقة “قانون الاحوال الشخصية قد حدد سن الزواج للأنثى ب 15 سنة وعدل هذا القانون لكن كان في التعديل بعض اللبس والغموض حيث انه لم يحدد ماهية صلاحية المرأة للوطء والمواصفات لتقبل ذلك”.

مضيفا “أيضا زواج الصغيرة يجعلها لاتستطيع ان تتحمل الأعباء الزوجية، نحن نعلم أن طفلة عمرها 15 سنة يترتب على زواجها ضرر كبير لذلك فإنه لابد من تشريع يحدد السن الملائم للزواج. ومن ناحية اخرى أفتى كثير من فقهاء الشرع أن عقد الصغيرة لا يصح الا بعد ان تبلغ سن الرشد فإذا بلغت فهي مخيرة أن تقر هذا العقد او ترفضة”. سن الرشد متعارف عليها بـ 18 سنه

تحدث الأكوع عن كثير من المآسي والاضرار النفسية والجسدية التي تترتب على تزويج الطفلة حيث أكد “شاهدت بأم عيني طفلة عمرها 15 سنة زُوجت برجل طاعن في السن كانت حالتها النفسية والجسدية منتهية. لابد من تشريع للحفاظ على القاصرات, لابد ان نحميهن باي شكل من الأشكال.”

زواج القاصرات

الزواج المبكر وزواج الطفلة

هناك مثل يمني يقول “تزوج بنت ثمان وعلى الضمان”. القانون اليمني يركز على أن تكون الفتاة صالحة للوطء لتتزوج. ولكن الزواج ليس علاقة جسدية فقط فالزواج يعني تحمل مسؤولية بيت وفهم للشريك وقدرة على تحمل كافة اعباء الحياة الزوجية وقدرة على تكوين اسرة متكاملة, فلا يمكن التركيز على العلاقة الخاصة وإغفال باقي أسس بناء الاسرة.

ويؤكد الأكوع “أن الأمثال الشعبية ليست قانون وليست عرفا يتبع. بعض الأمثال الشعبية ظالمة ولاتراعي حق الفتاة، ولاحق المجتمع في هذا. أما الشرع والقانون فهناك الكثير من الاراء تقول أنه لا يصح العقد إلا اذا كبرت الصغيرة وبلغت ففي هذه الحالة لا بد من اخد موافقتها ولا يتم الزواج إلا بذلك”.

“انا من وجه نظري ان يحدد المشرع سن الزواج ب 18 سنة، ففي هذا السن تكون الفتاة مؤهلة للزواج والمعاشرة وهذا شيء بديهي، أيضا قادرة على تحمل الحمل والولادة ومسؤولية تربية الاطفال ومشوار الحياة الزوجية. تقول القاعدة الفقيهة أنه (لاضرر ولا ضرارا والضرر يزال) ولا يزال الضرر الا بتشريع عقابي. فالذي يزوج الصغيرة لا بد من معاقبته حتى يرتدع الاخرون من هذه الممارسات الضالة” وفقا للأكوع

اضرار زواج القاصرات وكيفية التعامل مع اللائي يعانين تلك الاضرار

قال الأكوع وهو المحامي في اتحاد نساء اليمن” تصلنا في الاتحاد حالات مؤلمة، شاهدت في احدى المرات حالة آلمتني كثيرا حيث وصلت فتاة عمرها 16 سنة لا تستطيع الكلام من هول الصدمة التي حصلت لها ومن المعاملة التي لاقتها من زوجها وكذلك اصبحت حركتها بطيئة كأنها في التسعين من عمرها كانت مدمرة نفسيا وجسديا لقد تدخل اتحاد نساء اليمن في إيقاف ذلك وأي حالة تصل الى الاتحاد حول زواج بالنسبة للقاصرات والصغيرات.”

مضيفا أن “الاضرار التي تحصل للفتاة حين تتزوج وهي قاصرة اضرار معلومة وهي دلائل واقعية ملموسة لا تحتاج الى اثبات او إمعان او ذكاء, فالأضرار تلاحظها في الحالة النفسية والجسدية للصغيرة, في اعاقة نموها النفسي والجسدي, في اهمالها لأولادها مستقبلا لأنه لم يكتمل نموها الجسماني أو العقلي وترى نفسها انها وضعت في مسؤولية اكبر من حجمها الجسدي والنفسي. هذه كارثة بكل المقاييس ولا ادرى الى متى سنظل على هذا الامر في مآسي زواج الصغيرات. أغلب حالات الزواج المبكر نتيجتها الطلاق”.

قوانين تجرم وتعاقب زواج الصغيرات

وعند سؤاله عن وجود نصوص قانونية تجرم زواج الصغيرات قال “لاتوجد نصوص قانونية تجرم وتعاقب أي شخص سواء كان ولي الأمر أوالزوج، لكن هناك امناء شرعيين بدأوا يمتنعون عن عقد القران للصغيرات اللاتي مادون ١٨ سنة, وللأمانة تتدخل الجهات الأمنية لايقاف هذا الأمر.

كما أوضح “كان لدينا في 2011 مشروع لتعديل بعض مواد قانون الاحوال الشخصية منها تحديد سن الزواج. وكان من ضمن معدي المشروع المحامي من الاتحاد وقضاة أذكر منهم القاضي الكبير حسين المهدي الذي يعتبر مرجع في الشرع والقانون بالاضافة الى الدكتورة القديرة مريم الجوفي الاكاديمة من جامعة صنعاء”.

“وكان المشروع مكتملا لولا الأحداث التي وقعت في 2011 فلم نستطع ان نتقدم به للجهات المختصة حتى يقدم الى مجلس النواب وعلى اثر ذلك يتم اقرار المواد التي رأينا من واقع عملنا انه يجب علينا ان نقدم هذا المشروع الذي فيه تحديد سن الزواج ووضع عقوبات على المخالفين”.

قوانين تحديد سن الزواج في الدول العربية

قال الأكوع: “أعتقد أن بعض البلدان العربية لم تحدد سن الزواج ولذلك هم يعانون من هذا الامر معاناة كبيرة حتى أنها تظهر في وسائلهم الاعلامية ومع الاسف انها بدأت بشكل كبير منذ 2011 ومابعدها. هذه الظاهرة سائدة في المجتمعات الريفية بشكل عام سواء في البلاد العربية أو غيرها مثل بنجلادش وباكستان حيث سمعت انه تزوج الصغيرة بالصغير وهذا قد يكون عرف سائد لدى القبلية او الاسرة في مثل هذا النمط من الزيجات“.

دوافع الأب الى تزويج ابنته وهي صغيرة

ووفقا للأكوع “دوافع الأب لتزويج ابنته وهي قاصر انعدام الوازع الديني من ناحية وانعدام الوازع العرفي وانعدام القيم ومن اجل منع ذلك كان الناس في مرحلة من المراحل يرون أن تزويج البنت وهي صغيرة لا يصح ومعيب وقد يتدخل الاخرين لمنعه. يحدث أن تتزوج الصغيرة في المناطق الريفيية لكن أن تصبح ظاهرة فلا بد من تتدخل الدولة والجهات المعنية بالاضافة الى منظمات المجتمع المدني لإيقاف هذه الظاهرة”.

“ولا يمكن بأي حال من الاحوال ان نلقى بفتياتنا الى التهلكة والى الموت والمعاناة التي تلازمهن طوال اعمارهن من أجل المال والإنفاق على انفسنا، نحن نعلم ان الوضع سيء لكن ونحن في حالة حرب وحصار ظالم وجائر اقولها بالعامية لمن يزوج ابنته الصغيرة من اجل المال: “انت دبر نفسك كيفما تشاء ولا انك تدمر حياة ابنتك”.هكذا يقول الاكوع.

ويناشد الأكوع المعنيين قائلا ” لابد من وضع حد لهذه الظاهرة بالاضافة الى تحديد سن الزواج. وأيضا لابد من معاقبة من يقوم بتدمير أهله وبيته وأولاده بهذا الشكل، ومن هنا من يمن تايمز أناشد الأسرة والأب بشكل خاص ان يتقوا الله في بناتهم وأن لا يأخذوهم إلى التهلكة. اعلموا انكم ستحاسبون ولا يمكن لأي حجة من الحجج ان تقنع حتى المجانين بالجريمة التي ترتكبها في حق فلذة كبدك”.

هذا ويبث برنامج بيني وبينك كل يوم الخميس ويمكن الاستماع إلى حلقاته عبر الموقع أو عبر ساوند كلاود.


صورة الغلاف: ستيفاني سنكلاير , الكرتون: رشاد السامعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.